واخيرا ... وبعد انتظار .. لا مبرر له ... دام لمدة (23) عاما .. اعتبارا من انضمام العراق لعضوية الفيفا .. في عام 50 .. والذي توالت من بعده السنين .. دون جدوى ... جاء العراق اخيرا ليسجل حضوره الاول في اكبر البطولات الكروية على وجه الارض ... عندما اشترك في تصفيات كاس العالم .. المؤهلة الى الادوار النهائية في المانيا الغربية
لقد كان كاس العالم حلما طالما راود محبي الكرة العراقية .. على امتداد ربوع الوطن .. حيث كانت الجماهير دوما تمني النفس برؤية نجوم الكرة العراقية وهم يقارعون عتاولة اللعبة في شتى ارجاء المعمورة
قرر العراق اخيرا الاشتراك في التصفيات المؤهلة لكاس العالم العاشرة .. وقد وقع الاختيار على المدرب الهنغاري جيولا تالاكي ليكون اول مدرب يقود العراق في تاريخ التصفيات ... اوقعت القرعة العراق في المجموعة الاسيو-اوقيانوسية مع منتخبات استراليا ونيوزلندا واندونيسيا وقد خلت المشاركة العراقية من اي استعدادت او معسكرات تدريبية
واستدعى المدرب الهنغاري .. تشكيلته التي ضمت ابرز نجوم اللعبة في تلك الفترة والتي تالفت من (18) لاعبا هم : عبد كاظم-ستار خلف-جلال عبد الرحمن-رحيم كريم-صبيح عبد علي-مجبل فرطوس-قيصر حميد-صاحب خزعل-دوكلص عزيز-رياض نوري-صلاح عبيد-شدراك يوسف-عمو يوسف-عبد الرزاق احمد-صباح حاتم-بشار رشيد-احمد فتحي-علي كاظم
سافر الفريق في رحلة جوية طويلة من بغداد الى سنغافورة ومنها الى سدني ... حيث استضافت استراليا التصفيات ذهابا وايابا لتحصل على افضلية مسبقة في اجتياز المسابقة من خلال اقامة المباريات على ارضها
انطلقت التصفيات التي استضافها ملعب مدينة سدني ... خلال شهر اذار مارس من ربيع عام 73 .. حيث اوجبت القرعة ان يلتقي منتخبنا الذي كان المرشح الاقوى لصدارة المجموعة بنظيره الاسترالي القوي في اولى المواجهات الساخنة في التصفيات
في 11/3: انطلقت التصفيات ... بحضور اكثر من 28 الف متفرج في اكبر حضور جماهيري تشهده كل مباريات التصفيات ... وقد كانت التشكيلة التي لعب بها منتخبنا تتالف من جلال عبد الرحمن لحراسة الهدف .. وعبد كاظم (كابتن الفريق) ومجبل فرطوس ودكلص عزيز وصاحب خزعل للدفاع ..شدراك يوسف ورياض نوري للوسط ووعمو يوسف وصلاح عبيد وعلي كاظم وصباح حاتم للهجوم ..! ابتدا الفريق الاسترالي المباراة بقوة معتمدا على بنية لاعبيه الجسمانية القوية ... ولكن دون ان يتمكنوا من هز الشباك خلال زمن الشوط الاول .. غير ان الدقيقة العاشرة شهدت تعرض كابتن الفريق وصمام الامان عبد كاظم الى اصابة بليغة في راسه .. وبشجاعة عراقية قل نظيرها .. رفض الكابتن عبد كاظم الخروج من المباراة .. ليكمل اللعب وهو معصوب الراس .. مما دفع الجماهير الى تسميته بالفدائي ! في الشوط الثاني بكر المضيفون بالتسجيل في الدقيقة 49 من ضربة حرة تغير اتجاهها ... وتمض الدقائق بعد ذلك ... بعد ان لم يعد الدفاع العراقي قادرا على الصمود اكثر .. لياتي الانهيار في الدقائق العشر الاخيرة التي استغلها الاستراليون خير استغلال واضافوا هدفين اخرين في مقابل هدف شرفي سجله رياض نوري في الدقيقة الاخيرة من زمن المباراة ليتلقى منتخبنا خسارته الاولى (والوحيدة) في التصفيات
في 13/3: وبعد يومين واجه منتخبنا وفي سدني ايضا .. المنتخب النيوزلندي الذي كان قد تعادل في افتتاح التصفيات مع استراليا بهدف واحد ... ! وقد راى المدرب تالاكي .. ان اخطاء الحارس جلال عبدالرحمن بدخول ثلاثة اهداف منها هدفان بضربات الراس لايمكن ان تغتفر .. فاستعاض عنه بالحارس المطاطي ستار خلف .. كما راى ان الدفاع العراقي قد تعرض لهزة كبيرة عند اصابة عبد كاظم .. .. لذلك قام بابعاد المخضرم صاحب خزعل الذي يبدو ان حكم السنين قد اخذ ماخذه منه .. كما ابتعد عبد كاظم لاصابته بطبيعة الحال .. فاشرك المدرب لاعبي الميناء رحيم كريم والمرحوم صبيح عبد علي .. ليكملا رباعي الدفاع ...الى جانب ذلك فقد ابعد المخضرم شدراك يوسف عن الوسط ليحل محله قيصر حميد .. فيما ابقى على وجود رياض نوري وصلاح عبيد ..الى جانبه ... اما التغييرات الابرز فشملت خط الهجوم .. حيث استغنى المدرب عن عمو يوسف وعلي كاظم ليحل محلهما لاعب الميناء عبدالرزاق احمد ومهاجم الاليات المرحوم بشار رشيد ... وقد شمل التغيير (6) لاعبين من التشكيلة التي لعبت ضد استراليا ... وانطلقت المباراة .. ومنذ البداية توضحت افضلية المنتخب العراقي .. فلم يصبر المهاجم الشاب بشار رشيد سوى عشر دقائق ليهز الشباك النيوزلندية التي استعصت على الاستراليين لمدة 85 دقيقة في المباراة الاولى ! ليواصل بعدها منتخبنا ضغطه على خصمه .. ولتشهد الدقيقة الاربعين زيادة غلة الاهداف بالهدف الثاني الذي احرزه صباح حاتم .. ! وفي الشوط الثاني اطمئن لاعبونا على نتيجة المباراة .. وحافظوا على تقدمهم ليحصلوا على اول فوز ونقطتين ثمينتين ! في الجانب الاخر حققت استراليا فوزا صعبا على اندونيسيا بهدفين لهدف ..ورفعت رصيدها الى (5) نقاط مقابل نقطتين لمنتخبنا ومثلها لنيوزلندا التي لعبت ثلاث مباريات .. فيما احتلت اندونيسيا مركز الذيل بنقطة واحدة من مباراتين
في 16/3: قدمت نيوزلندا خدمة كبيرة لمنتخبنا .. عندما تعادلت مع المنتخب الاسترالي في سدني بثلاثة اهداف .. وكان المنتخب الاسترالي قد تقدم في الشوط الاول بنتيجة 3-1 قبل ان ينجح النيوزلنديون في ادراك التعادل في الدقائق الاخيرة للمباراة ... غير ان مما يؤسف له .. ان منتخبنا لم يستفد من تلك الخدمة المهمة .. فخرج بتعادل غريب واكثر من علامة استفهام على ادائه عندما تعادل مع اندونيسيا بهدف واحد ... ليصبح رصيده ثلاث نقاط وهو نصف رصيد استراليا التي لعبت مباراة واحدة اكثر
في 18/3: واستمرت منافسات البطولة ..وتواجه العراق مع استراليا مجددا على الاستاد الاولمبي في ملبورن وبحضور جماهيري فقير بالكاد تجاوز العشرة الاف متفرج تاهوا في مدرجات الملعب الكبير .. وقد شهدت المباراة عودة الكابتن عبد كاظم الذي شكل مع رحيم كريم ومجبل فرطوس ودكلص عزيز خطا دفاعيا استعصى على الاستراليين هذه المرة ! اما بقية الخطوط فلم تطلها يد التغيير ...حيث لعب رياض نوري وقيصر حميد في الوسط .. مع رباعي الهجوم صباح حاتم وبشار رشيد ورزاق احمد وصلاح عبيد.. ! وطوال تسعين دقيقة لم يتمكن لاعبونا من هز شباك الاستراليين ولم ينفع فريقنا اشتراك الهداف علي كاظم بديلا لصباح حاتم .. لتنتهي المباراة بالتعادل السلبي .. وتصبح فرصتنا في انتزاع البطاقة الوحيدة المؤهلة للدور التالي للتصفيات في مهب الريح
في 21/3: واجه منتخبنا خصمه الاندونيسي .. الذي كان السبب في ضياع التاهل بشكل كبير ... وحتى في تلك الظروف .. فان لاعبينا قد مروا بدقائق حرجة في مواجهة خصمهم الاسيوي المتواضع ... ليحققوا في اخر الامر فوزا صعبا بثلاثة اهداف مقابل هدفين حملت توقيع صلاح عبيد ودكلص عزيز وصباح حاتم بعد صمود الاندونيسيين طويلا.. ليبقي لاعبونا على حظوظهم في بلوغ الدور الثاني
في 24/3: كان هذا اليوم هو اخر ايام التصفيات .. حيث سيصعد الفريق المتاهل لمقابلة ايران ومن ثم كوريا الجنوبية قبل بلوغ كاس العالم !!! كان الموقف في المجموعة كالاتي : استراليا في الصدارة برصيد سبع نقط ..يليها منتخبنا برصيد ست نقط ..ثم اندونيسيا باربع ونيوزلندا بثلاث نقاط في اسفل الترتيب ..اما فيما يتعلق بفارق الاهداف فقد كان لاستراليا (+3) وللعراق (+1) مما يعني ان اي تعادل للاستراليين واي فوز لمنتخبنا وبفارق اكثر من هدفين يعني تاهلنا الى الدور الثاني ! وبهذه المعنويات .. واجه منتخبنا خصمه النيوزلندي في اخر المباريات ..وقد استشعر المدرب الهنغاري بالخطر وبحاجة الفريق للهجوم ... فدفع بكل طاقاته الهجومية في المباراة .. حيث لعب صباح حاتم مع علي كاظم ورزاق احمد وبشار رشيد كاربعة مهاجمين ..وعدا ذلك فلم يحدث اي تغيير بعد الاستقرار على حارس المرمى وخطي الدفاع والوسط .. وكم كنا نتمنى لو اننا بلغنا هذا الاستقرار في المباريات التجريبية وقبل بدء المواجهات في التصفيات الرسمية .. ! وامام اكثر من 12 الف متفرج .. استخلص منتخبنا العبر ... ليؤكد عزمه على المنافسة حتى الرمق الاخير .. عندما تقدم بثلاثة اهداف نظيفة خلال اول 23 دقيقة من المباراة ..كان لصباح حاتم حصة هدفين منها وكان لعلي كاظم حصة الهدف الاخر .. ولينتهي الشوط الاول بتقدم العراق 3-صفر .. وفي الشوط الثاني اضاف صباح حاتم الهدف الرابع في الدقيقة السابعة والستين ليكمل اول ثلاثية للاعب عراقي في تاريخ تصفيات كاس العالم .. وبذلك اتم منتخبنا مهمته .. وبات منتظرا الانباء الحزينة التي حملت فوز الاستراليين على اندونيسيا بستة اهداف .. لتتاهل استراليا الى الدور اللاحق وبفارق نقطة واحدة عن منتخبنا